أسباب فوبيا الألم والخوف المرضي من الأوجاع وطرق علاج

تاريخ النشر: 2024-12-05

أسباب فوبيا الألم والخوف المرضي من الأوجاع وطرق علاج

تترافق بعض الإصابات المرضية، بغض النظر عن شدتها، مع آلام شديدة قد تتجاوز المعدلات الطبيعية، مما يؤدي إلى تجربة ألم أكبر مما يشعر به الشخص العادي. هذا الأمر قد يتطور ليصبح أحد أنواع الاضطرابات النفسية المعروفة باسم "فوبيا الألم"، والتي تعبر عن نوع من الرهاب يتسم بمخاوف مفرطة وغير مبررة تجاه الإحساس بالألم. على الرغم من أن الألم يعد استجابة طبيعية من الجسم كرد فعل على مواقف معينة، إلا أن هذه المخاوف قد تؤدي إلى تأثيرات سلبية على حياة الفرد. في دليلى ميديكال  هذا المقال، سنستعرض أسباب فوبيا الألم والخيارات العلاجية المتاحة للتعامل معها.

ما هو رهاب الألم (Algophobia

رهاب الألم، المعروف أيضًا باسم Algophobia، هو حالة من الخوف غير المنطقي والمبالغ فيه من أي موقف قد يسبب الألم أو التعرض للأذى، حتى وإن كان ذلك بشكل طفيف. يمكن أن تنشأ هذه الحالة نتيجة لأسباب نفسية وشخصية متعددة تتعلق بالفرد، مثل التعرض لتجارب قاسية أو المرور بأوقات صعبة أو التهديد النفسي.على سبيل المثال، الشخص المصاب بهذا الرهاب قد يخاف من الإبر أو من رفع أشياء ثقيلة. وعلى عكس الأشخاص العاديين الذين يشعرون بخوف طبيعي من الألم ويستطيعون التعامل معه والتغلب عليه، فإن الأفراد الذين يعانون من الألجوفوبيا يشعرون بألم شديد لدرجة تعيقهم عن القيام بأنشطتهم اليومية البسيطة. فهم لا يتحملون حتى الشعور بأي ألم بسيط أو معتدل.

حقائق حول رهاب الألم:

يُلاحظ أن هذا النوع من الرهاب قد يُشخص أحيانًا بشكل خاطئ كاضطراب آخر، مثل الاكتئاب أو اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط أو الاضطراب ثنائي القطب. كما تم تشخيص بعض الحالات على أنها اضطرابات نوم. بينما يرى الأشخاص غير المصابين أن الأنشطة البسيطة ليست خطيرة وأن احتمال تسببها في الألم ضئيل، فإن المصابين بهذا الرهاب يعتبرونها مخيفة ومؤذية. من المهم الإشارة إلى أن تركيز المصابين ليس على مستوى الألم بحد ذاته، بل على تجنب الألم بأي شكل، بغض النظر عن شدته. يمكن أن يظهر هذا الرهاب بمفرده أو يترافق مع اضطرابات نفسية أخرى، وقد ينجم عن الإدمان. يعتقد بعض العلماء أن سبب هذا الخوف قد يكون ناتجًا عن المبالغة في تقدير شدة الألم أو المخاطر المحتملة الناتجة عنه. ويُشار إلى أن هذا الخوف يمكن أن يتراكم، مما يؤدي إلى نوبات من القلق. الأشخاص الذين يعانون من هذا الرهاب يتحدثون دائمًا عن شعورهم بألم شديد حتى عند تعرضهم لضغط جسدي بسيط

**أسباب فوبيا الألم والخوف المرضي من الأوجاع**

تتطور فوبيا الخوف من الألم بشكل تدريجي نتيجة لمجموعة من المشكلات التي يواجهها الفرد، مما يؤدي إلى نشوء هذه الفوبيا منذ الطفولة. فيما يلي بعض الأسباب التي قد تساهم في تطور فوبيا الخوف من الألم:

**الوهم:** قد يكون الوهم والخيال حول الألم أو أسبابه أكبر في ذهن الشخص من الألم نفسه. على سبيل المثال، قد يخاف الشخص من الإبر منذ صغره بسبب اعتقاده أن الإبرة ستسبب له ألمًا لا يمكن تحمله. ومع مرور الوقت، إذا لم يتعرض لتجربة الإبرة، يستمر شعور الخوف ويتعزز، مما يؤدي إلى تفاقم هذا الوهم. هناك أشخاص قد يفقدون الوعي لمجرد رؤية إبرة، بغض النظر عن أعمارهم، حيث يؤثر الوهم بشكل كبير على حالتهم النفسية.

**رؤية شخص يتألم:** قد تكون مشاهدة شخص يتألم لها تأثير عميق ومؤلم على النفس. قد يجد الفرد صعوبة في تجاوز الألم الذي شاهده، ويظل عالقًا في ذاكرته أصوات المريض أو حركاته أثناء الألم، مما يجعله يشعر بأن هذه المشاهد تلاحقه في كل مكان. هذا قد يكون أحد الأسباب التي تؤدي إلى تطور فوبيا الخوف من الألم لدى بعض الأشخاص.

**تجربة الألم:** تُعتبر تجربة الألم تجربة قاسية يمر بها الفرد لأسباب متعددة. فعندما يتعرض الشخص للإصابات بشكل متكرر، خاصة في حالات الأمراض الشديدة المؤلمة، يتولد لديه خوف من الألم ورغبة في تجنب تكرار تلك التجربة. هذا الخوف قد يتطور إلى فوبيا حتى بعد تلقي العلاج والشعور بالراحة.

**الوراثة المكتسبة:** إذا كان أحد الوالدين يعاني من هذه الفوبيا، ويشاهد طفله معاناته بشكل مستمر، فإن الطفل قد يتبنى هذا الخوف بشكل غير واعٍ. وبالتالي، ينشأ لديه شعور بالخوف من الألم، وهو ما يُعرف بالوراثة المكتسبة.

**الشعور بالتهديد:** يتجلى هذا الشعور في الأجواء التي تثير التوتر والخوف من التعرض للأذى في أي لحظة، مثل تعرض الأطفال للتنمر أو العيش في بيئات مليئة بالحروب والكوارث والحوادث المؤلمة.

**أعراض فوبيا الألم النفسية**

 

تتشابه أعراض فوبيا الخوف من الألم مع أعراض اضطرابات القلق والاكتئاب، حيث يمكن أن تظهر هذه الأعراض عندما يشعر الشخص بالألم أو حتى عند التفكير فيه. ومن أبرز هذه الأعراض:

- **الشعور بالرعب والهلع الشديد**: يعاني المريض من مشاعر فزع ورعب شديد، مما يؤدي إلى اضطرابات نفسية وقلق متزايد.

- **القلق والأرق**: يعد الأرق من الأعراض الشائعة لفوبيا الخوف من الألم، حيث يشعر المريض بعدم القدرة على الاسترخاء والهدوء، مما يسبب له توتراً دائماً.

- **القلق عند التفكير بالألم**: تظهر أعراض رهاب الألم بمجرد التفكير فيه، مما يؤدي إلى شعور المريض بالقلق المستمر الذي يلازمه طوال الوقت نتيجة التفكير المفرط.

- **قلة التركيز**: ينتج عن القلق والهوس المستمرين لدى مريض فوبيا الألم صعوبة في التركيز، حيث يجد المريض صعوبة في الانتباه لموضوع معين لفترة طويلة.

**تغير المزاج بسهولة**: يمكن أن يتعرض الشخص المصاب برهاب الألم لتقلبات مزاجية سريعة وقد يدخل في حالة من الاكتئاب نتيجة الخوف المستمر.

**العصبية والقلق**: يمكن أن تؤدي أي مواقف إلى إثارة أعصاب مريض فوبيا الألم، حتى لأبسط الأسباب. كما يعاني هؤلاء المرضى من توتر وقلق دائمين، بالإضافة إلى تخوفهم من أشياء متعددة مثل الأصوات العالية أو رؤية الحرائق أو المشاهد المرعبة.

**أعراض رهاب الألم الجسدية**

 

إلى جانب الاضطرابات النفسية، تظهر عدة أعراض جسدية مرتبطة بفوبيا الألم. فيما يلي بعض هذه الأعراض:

- **فرط التعرق**: يحدث فرط التعرق عند التفكير في الألم، ويكون نتيجة للخوف الشديد والتوتر الذي يعاني منه الشخص المصاب برهاب الألم.

- **الرجفان والارتعاش**: تُعتبر الرجفان والارتعاش من أبرز الأعراض الجسدية التي تظهر عند الشعور بالخوف بشكل عام، وتكون أكثر وضوحًا لدى مرضى فوبيا الألم نظرًا لطبيعة حالتهم المستمرة.

- **فقدان الوعي**: في الحالات الشديدة، قد يؤدي رهاب الألم إلى فقدان الوعي، حيث يفقد المريض السيطرة على نفسه.

- **الغثيان وجفاف الفم**: قد يعاني المريض من جفاف في الفم مع شعور مستمر بالغثيان.

- **الارتباك**: من الأعراض الأخرى لفوبيا الألم هو الارتباك وصعوبة التعبير بشكل صحيح نتيجة التوتر الذي يشعر به المريض.

**ضيق التنفس وآلام الصدر**: في الحالات الحادة، قد يعاني المريض من ضيق في التنفس مصحوباً بآلام في الصدر. ومع ذلك، فإن هذه الأعراض غالباً ما تختفي عندما يحصل المريض على الراحة ويشعر بالطمأنينة.

**تسارع ضربات القلب**: يحدث تسارع في دقات القلب عندما يكون المريض مشغولاً بالتفكير في الألم، وعادة ما يزول هذا التسارع عندما يشعر بالهدوء

**صداع شديد**: من الأعراض الأخرى التي قد تظهر على المريض هو الصداع النصفي الحاد، والذي يكون غالباً مزمناً نتيجة للتفكير السلبي المستمر والقلق الذي يسيطر عليه

مضاعفات الإصابة بالفوبيا تشمل:

- الاكتئاب.

- تعاطي المخدرات.

- الاضطراب ثنائي القطب.

- الميل نحو الانتحار.

- زيادة احتمالية الإصابة بأمراض جسدية.

كيف يمكنك مساعدتك في التغلب على رهاب الألم؟

 

إليك بعض الخطوات التي يمكن أن تساعدك في التخلص من فوبيا الألم:

1. حاول فهم الأسباب الحقيقية وراء شعورك بهذا الرهاب، فهذا سيمكنك من معالجته بشكل أفضل.

2. كن لطيفًا مع نفسك، وركز على الأمور التي يمكنك تغييرها.

3. أنشئ قائمة بالأهداف المستقبلية لتتمكن من التركيز عليها واستغلال وقتك في أنشطة مفيدة.

4. مارس التمارين الرياضية بانتظام.

5. من المهم التواصل مع طبيب نفسي للحصول على العلاج المناسب.

**علاج رهاب الألم**

 

يُعتبر علاج فوبيا الخوف من الألم تحديًا بعض الشيء، حيث يتعين على المريض أن يساهم في عملية الشفاء بنفسه. فيما يلي بعض الأساليب المتبعة لعلاج هذه الحالة:

**العلاج السلوكي المعرفي:** يتطلب هذا النوع من العلاج زيارة أخصائي في الصحة النفسية لعدة جلسات متتالية، بهدف استكشاف جذور هذا الرهاب وأسبابه، بالإضافة إلى كيفية التعامل مع أي تجربة قد يواجهها المريض في حياته اليومية. يتضمن العلاج أيضًا مناقشة استراتيجيات متعددة للتغلب على الأعراض التي يعاني منها المريض والتي قد تكون خارجة عن سيطرته. من خلال هذا النوع من العلاج، يتمكن معظم المرضى من التغلب على مخاوفهم والتعامل بشكل منطقي مع الأعراض عند مواجهتها مرة أخرى.

**العلاج الدوائي:** يجب أن يتم استخدام الأدوية تحت إشراف طبيب مختص في الأمراض النفسية، حيث تحتاج هذه الأدوية إلى ضبط دقيق للجرعات ومدة الاستخدام. تشمل الأدوية المستخدمة مضادات القلق مثل الديازيبام، بالإضافة إلى مضادات الاكتئاب مثل سيرترالين، حيث تساعد هذه الأدوية المريض في تخفيف التوتر والقلق والأوهام.

**العلاج النفسي:** يهدف العلاج النفسي إلى مساعدة المريض في تحويل الأعراض والأفكار غير المنطقية إلى أفكار عقلانية. يتم ذلك من خلال تحليل المواقف التي يواجهها المريض وإيجاد استراتيجيات لمواجهتها. في نهاية العلاج، يصبح المريض قادرًا على التغلب على مخاوفه بعد أن تعلم كيفية تحليلها بشكل منطقي. من خلال مواجهة هذه المواقف وتقليل التفكير في الخوف، يتمكن المريض من الخروج من حالة الفوبيا بشكل تدريجي.

**اليوغا:** تساعد ممارسة اليوغا في تعزيز حالة التأمل لدى المريض، مما يساهم في التفكير بهدوء أكبر والابتعاد عن الأفكار السلبية التي تسبب له التوتر. تقنيات التنفس العميق والتصورات التي يمارسها المريض أثناء اليوغا تعتبر من العوامل الفعالة في تقليل التوتر وتوجيه ذهنه بعيدًا عن الأفكار المرتبطة بالألم.

**مواجهة الألم:** الخطوة الأولى نحو التحسن من الأعراض هي مواجهة الألم والأفكار التي تراود المريض، ومحاولة تحليلها وفهم مصدرها. من المهم أن يدرك المريض أنه يمكنه التخلص من هذه الأفكار السلبية، حيث إنها ليست سوى أوهام غير حقيقية.

**تغيير نمط الحياة:** من الضروري لمريض فوبيا الألم أن يقوم بتغيير نمط حياته. على سبيل المثال، إذا كان يميل إلى العزلة لفترات طويلة، فإنه يجب عليه مواجهة هذه العزلة وعدم الاستسلام للأفكار السلبية.

**التفكير بطريقة منطقية**: على الرغم من أن الوضع قد يبدو مخيفاً للمريض، إلا أنه عندما يبدأ في تحليل الأسباب بشكل منطقي، يدرك أنه لا يوجد ما يستدعي هذا الخوف الذي يشعر به.

**طلب الدعم**: إذا تفاقمت حالة المريض وبدأ يفقد السيطرة على الأعراض الجسدية، فمن الضروري حينها استشارة طبيب نفسي للحصول على المساعدة.