يعتبر اليود من العناصر الغذائية الأساسية، تمامًا مثل فيتامين سي وأنواع المغذيات الأخرى. يحتاج الجسم البشري إلى اليود لتلبية احتياجاته اليومية، وتزداد هذه الحاجة بشكل خاص لدى النساء الحوامل، حيث يصبح اليود مهمًا بنفس قدر أهمية العناصر الغذائية الأخرى. على الرغم من أن الكثيرين قد لا يولون اهتمامًا كافيًا للحديث عن الفيتامينات والمعادن الأساسية أثناء الحمل، إلا أن هذه المرحلة تعتبر حيوية في حياة كل امرأة. لذا، سنستعرض في  دليلى ميديكال مقالنا التالي فوائد اليود خلال فترة الحمل.

ما هو اليود؟

 

اليود هو عنصر أساسي لإنتاج هرمونات الغدة الدرقية. لا يمكن لأجسامنا إنتاجه بشكل طبيعي، لذا يجب علينا الحصول عليه من خلال نظامنا الغذائي. إذا كان مستوى اليود في جسمك غير كافٍ، فقد يتأثر أداء الغدة الدرقية

ما هي أهمية اليود خلال فترة الحمل؟

 

تلعب الغدة الدرقية دورًا حيويًا في تنظيم العديد من الهرمونات التي تنشط وظائف الجسم الأساسية، مثل:

- معدل ضربات القلب

- التنفس

- وزن الجسم

- مستويات الكوليسترول في الدم

- الدورة الشهرية

- الجهاز العصبي

- درجة حرارة الجسم

- تنظيم الهرمونات الضرورية خلال مرحلة التطور الجنيني.

الأطفال الذين يولدون لأمهات تعاني من نقص طفيف إلى معتدل في مستويات اليود يكونون أكثر عرضة لمشكلات في الإدراك والحركة. وقد أظهرت دراسة نُشرت في عام 2013 أن ثمانية أطفال تتراوح أعمارهم بين سنة واحدة، والذين وُلِدوا لأمهات تعاني من نقص في اليود، كانوا أكثر عرضة للحصول على درجات منخفضة في الذكاء الشفهي، والقراءة، والفهم، ودقة القراءة. وعند متابعة هؤلاء الأطفال في سن التاسعة، وُجد أن نقص اليود لدى الأمهات كان مرتبطًا بانخفاض مستوى التحصيل الدراسي لدى الأطفال.

ما هي المخاطر المرتبطة بنقص معدلات اليود؟

 

قد يكون من المفاجئ أن نعلم أن حوالي ثلثي الأوروبيين يعانون من نقص في اليود، وهذه النسبة مشابهة لما تم رصده في دراسات أخرى في دول مثل الولايات المتحدة. هذا النقص يعرض الأطفال لخطر ضعف الانتباه وتدني التحصيل الدراسي في المستقبل.

ما هي توصيات الأطباء بشأن تناول اليود؟

 

توصي منظمة الصحة العالمية (WHO) ومنظمات الصحة العامة الأخرى بأن تتراوح مستويات اليود لدى الأمهات الحوامل بين 150-249 ميكروغرام/لتر. كما توصي هذه المنظمات، بما في ذلك جمعية الغدة الدرقية الأمريكية والجمعية الأوروبية للغدد الصماء، النساء اللواتي يخططن للحمل، والحوامل، والمرضعات بتناول مكملات اليود يومياً بجرعة 150 ميكروغرام.على الرغم من أن بعض الدول قد اعتمدت برامج لتناول اليود، إلا أن العديد من الدول الأخرى تفتقر إلى مثل هذه البرامج، حيث يتوفر الملح المدعم باليود للجميع. بالإضافة إلى ذلك، ليس جميع الأشخاص يستهلكون الصوديوم، ففي الولايات المتحدة، فقط 53% من الملح المنزلي مدعم باليود، بينما في السويد، حيث أجريت هذه الدراسة، كانت النسبة 27%.

**ما هي الكمية المناسبة من اليود أثناء الحمل؟**

 

- النساء الحوامل: 220 ميكروجرام يوميًا

- النساء المرضعات: 290 ميكروجرام يوميًا

- النساء غير الحوامل: 150 ميكروجرام يوميًا

**تأثير نقص اليود الشديد على الأم وطفلها:**

 

1. **نقص اليود المعتدل والمتوسط:**

   - النساء الحوامل اللواتي يعانين من نقص معتدل أو متوسط في اليود قد يتعرضن لخطر تضخم الغدة الدرقية.

   - يرتبط نقص اليود بانخفاض وزن المشيمة ومحيط رأس الجنين.

   - أظهرت دراسات حديثة أن نقص اليود المعتدل إلى المتوسط لدى الحوامل قد يؤدي إلى ظهور اضطرابات نقص التركيز وفرط الحركة لدى أطفالهن، بالإضافة إلى تأثيرات سلبية على الإدراك.

2. **نقص اليود الشديد:**

   - يؤدي النقص الشديد في اليود إلى تعطيل إنتاج هرمونات الغدة الدرقية لدى الأم والجنين.

   - انخفاض مستويات هرمونات الغدة الدرقية يسبب ارتفاع مستويات TSH، مما يؤدي إلى تضخم الغدة الدرقية لدى كل من الأم والجنين.

- تُلاحظ حالات قصور الغدة الدرقية لدى حوالي 30% من النساء الحوامل في المناطق التي تعاني من نقص حاد في اليود.

- يرتبط النقص الحاد في اليود لدى الحوامل بزيادة معدلات الإجهاض وارتفاع الوفيات المحيطة بالولادة (قبل وأثناء وبعد الولادة مباشرة).

إن وجود مستويات طبيعية من هرمونات الغدة الدرقية يعد أمرًا ضروريًا لتطور المخ والحبل الشوكي، وبالتالي فإن نقص اليود الحاد يمكن أن يؤدي إلى انخفاض معدلات الذكاء لدى الأطفال. كما قد يؤدي إلى نقص إفراز هرمونات الغدة الدرقية عند حديثي الولادة، وهو ما يعرف بالفدامة (Cretinism)، مما يسبب تأخرًا عقليًا وصممًا وبكمًا واضطرابات حركية.

هل يمكن أن يسهم تناول اليود خلال فترة الحمل والإرضاع في تحسين النتائج في حالات النقص الحاد؟

 

إعطاء اليود للأمهات قبل الحمل وفي المراحل المبكرة من الحمل في المناطق التي تعاني من نقص حاد في اليود قد ساهم في تحسين القدرات الإدراكية لدى الأطفال، مقارنةً بأطفال الأمهات اللاتي لم يتناولن اليود.

لقد انخفضت نسبة حدوث نقص إفراز هرمون الغدة الدرقية (الفدامة) والاضطرابات العصبية الشديدة بشكل كبير في العقود الأخيرة، وذلك بفضل توفر اليود في الملح والمكملات الغذائية.

* التوصيات:

التوصية 1: يجب على جميع النساء الحوامل تناول حوالي 250 ميكروغرام من اليود يوميًا.

توصية 2: لا يُنصح ببدء إعطاء اليود للنساء الحوامل اللواتي يتلقين علاجًا لفرط نشاط الغدة الدرقية أو اللواتي يتناولن ليفوثيروكسين.

توصية 3: إذا تجاوزت كمية اليود التي تتناولها الأم الحدود المسموح بها، فقد يؤدي ذلك إلى تثبيط إنتاج هرمونات الغدة الدرقية لدى الجنين. حيث إن الآلية التي تحمي الجنين من التأثير المثبط لليود لا تتطور إلا بعد الأسبوع 36 من الحمل. لذلك، يجب عدم تجاوز جرعة اليود الموصى بها للأم بأكثر من الضعف (أي لا ينبغي تناول أكثر من 500 ميكروغرام يوميًا) لتفادي حدوث تثبيط في إنتاج هرمونات الغدة الدرقية لدى الجنين.

*أعراض نقص اليود لدى الحامل**

 

يعتبر التورم في مقدمة الرقبة نتيجة لتضخم الغدة الدرقية من أبرز الأعراض المرتبطة بنقص اليود في الجسم. يحدث هذا التورم نتيجة لاضطراب الغدة الدرقية بسبب نقص اليود.

عندما تكون مستويات اليود منخفضة، يتباطأ معدل الأيض في الجسم، مما يؤدي إلى تخزين الدهون بدلاً من حرقها في إطار عملية حرق السعرات الحرارية الطبيعية. وهذا قد يسبب زيادة غير متوقعة في الوزن.

كما أن انخفاض مستويات اليود يمكن أن يجعلك تشعرين بالتعب والإرهاق بشكل أكبر من المعتاد، حيث يحتاج الجسم إلى المعادن لإنتاج الطاقة. قد لا تلاحظين ذلك خلال فترة الحمل، لأن التعب يعد من الأعراض الشائعة في هذه المرحلة.

تؤدي مستويات اليود المنخفضة في الجسم إلى شعورك بالتعب والإرهاق بشكل أكبر من المعتاد، حيث يحتاج الجسم إلى المعادن لإنتاج الطاقة، وهو ما قد لا تدركينه خلال فترة الحمل، نظرًا لأن التعب يُعتبر من الأعراض الشائعة في هذه المرحلة.

أما بالنسبة لتساقط الشعر، فعلى الرغم من أن الحمل عادةً ما يزيد من كثافة الشعر، إلا أن نقص اليود يمكن أن يؤثر سلبًا على بصيلات الشعر، مما يؤدي إلى صعوبة تجددها وحدوث تساقط ملحوظ.

كما أن جفاف الجلد وتقشره يمكن أن يكون نتيجة لنقص اليود، الذي يلعب دورًا مهمًا في تجديد خلايا البشرة، بالإضافة إلى مساعدته للجسم في التعرق وترطيب الخلايا. وبالتالي، فإن نقص اليود يؤدي إلى قلة العرق ورطوبة الجسم.

يساهم اليود أيضًا في توليد الحرارة داخل الجسم، لذا فإن انخفاض مستوياته يجعلك تشعرين بالبرد أكثر من المعتاد.

علاوة على ذلك، قد يؤدي نقص اليود إلى إبطاء معدل ضربات القلب، مما يجعلك تشعرين بالضعف والتعب والدوار، وقد تتعرضين للإغماء بشكل متكرر.

وفي بعض الحالات، قد يتسبب نقص اليود في توقف نمو الجنين أو يلاحظ الطبيب صعوبة في نمو دماغه.

**أطعمة غنية باليود**

 

1- الجبن القريش يعتبر الجبن القريش من منتجات الألبان الغنية باليود، حيث يحتوي كوب واحد منه على 65 ميكروجرامًا من اليود، بينما يحتوي الجبن الشدير على 12 ميكروجرامًا لكل 28 جرامًا.

2- الجمبري يوفر الجمبري 23% من الجرعة اليومية الموصى بها من اليود لكل 93 جرامًا، بالإضافة إلى احتوائه على نسبة عالية من البروتين وأحماض أوميجا 3، وغيرها من العناصر الغذائية المفيدة.

3- التونة عند تناول 93 جرامًا من التونة، يحصل الجسم على 11% من احتياجه اليومي لليود. ومع ذلك، يجب الحذر من الإفراط في تناولها، حيث تُعتبر من المأكولات البحرية التي قد تحتوي على مستويات مرتفعة من الزئبق.

4- البيض تحتوي بيضة واحدة كبيرة على 16% من الكمية اليومية الموصى بها من اليود، حيث يتواجد معظم هذا المعدن في صفار البيض.

5- القراصيا يساهم البرقوق المجفف، المعروف بالقراصيا، في تلبية 9% من الاحتياج اليومي لليود، بالإضافة إلى كونه غنيًا بالفيتامينات الأساسية التي يحتاجها الجسم.

**اضطرابات مستويات اليود في الجسم**

 

**نقص اليود** يحدث نقص اليود نتيجة عدم حصول الفرد على الكمية الكافية من اليود من مصادره الغذائية، ويُعتبر السبب الأكثر شيوعًا لاضطرابات الغدة الدرقية. ومن الفئات الأكثر عرضة للإصابة بنقص اليود:

- الأطفال.

- النساء الحوامل والمرضعات.

- الأشخاص الذين لا يتناولون الملح المعالج باليود أو المكملات الغذائية التي تحتوي على اليود.

- النباتيون الذين لا يستهلكون المنتجات الحيوانية.

- الأفراد الذين يعيشون في مناطق معروفة بانخفاض مستويات اليود في تربتها.

قد يصاب الشخص بنقص اليود دون ظهور أي أعراض ملحوظة، بينما يمكن أن يعاني البعض من حالة صحية تُعرف بقصور الغدة الدرقية نتيجة انخفاض مستويات اليود في الجسم. تشمل أعراض نقص اليود ما يلي:

- الشعور بالضعف والتعب الشديد.

- ضعف العضلات.

- زيادة الوزن غير المبررة.

- الاكتئاب.

- انتفاخ وزيادة سماكة الجلد.

- جفاف الجلد.

- تساقط وجفاف الشعر.

- صعوبة في التركيز.

- ضعف وبطء ضربات القلب.

- الشعور بالبرد أكثر من المعتاد.

- الإمساك.

- تضخم أو تورم الغدة الدرقية.

**زيادة اليود** تحدث زيادة مستويات اليود في الجسم نتيجة تناول جرعات مرتفعة من مكملات اليود الغذائية أو الإفراط في استهلاك بعض أنواع الأعشاب البحرية والأملاح الغنية باليود. يمكن أن تؤدي هذه الزيادة إلى ظهور أعراض مشابهة لنقص اليود، مثل تضخم الغدة الدرقية. كما أن الاستهلاك المفرط لليود قد يسبب التهاب الغدة الدرقية وسرطان الغدة الدرقية الحليمي.

تشمل أعراض التسمم باليود الناتج عن تناول كميات كبيرة جدًا من اليود ما يلي:

- ارتفاع درجة الحرارة.

- آلام في المعدة.

- القيء والغثيان.

- الإسهال.

- حرقة في الفم والحلق والمعدة.

- تباطؤ ضربات القلب.

- الغيبوبة.

**اليود المشع** تحليل نقص اليود هو اختبار بول يقوم فيه الطبيب بتحديد نسبة اليود الموجودة في جسمك من خلال العينة المأخوذة، ثم يقارنها بالمعدل الطبيعي لليود في الجسم. بعد ذلك، يمكنه تحديد مدى نقص اليود لديك وما إذا كان يصل إلى درجة الخطورة أم لا.

**فوائد اليود للحامل والجنين**

 

1. **الوقاية من تضخم الغدة الدرقية** يعتبر اليود عنصرًا أساسيًا لصحة الغدة الدرقية، حيث يساعد في الحفاظ على توازن نشاطها خلال فترة الحمل، مما يقلل من خطر تضخمها، الذي قد يؤدي في بعض الحالات إلى الإصابة بالسرطان.

2. **تخفيف أعراض مرض الثدي الليفي**  اليود يساهم بشكل كبير في تخفيف الألم المرتبط بمرض الثدي الليفي، الذي يتجلى في ظهور كتل أو نتوءات غير سرطانية، وغالبًا ما يحدث لدى النساء في سن الإنجاب، لكنه قد يظهر أيضًا بعد انقطاع الطمث.

3. **نمو دماغ الجنين** أظهرت بعض الأبحاث أن الأطفال الذين يولدون لأمهات لم يحصلن على الكمية الموصى بها من اليود أثناء الحمل يكونون أكثر عرضة لتأخر النمو العقلي وانخفاض مستوى الذكاء. ويعزى ذلك إلى الدور الحيوي لليود في دعم نمو الدماغ بشكل سليم.

4- الحفاظ على وزن الأم بعد الولادة تناول الأطعمة الغنية باليود خلال فترة الحمل يساهم في مساعدة الأم على تحقيق وزن صحي بعد الولادة، بالإضافة إلى الوقاية من تضخم الغدة الدرقية.

5- حماية الأطفال من الإعاقات الذهنية عندما يسمح الطبيب بتقديم الطعام للطفل، يجب على الأم تضمين الأطعمة الغنية باليود في وجباته اليومية، حيث أن ذلك يقلل من خطر تعرضه للإعاقات الذهنية في مرحلة الطفولة المبكرة.

**الآثار الجانبية لليود**

 

رغم الفوائد العديدة لليود، إلا أن تناول كميات كبيرة منه أو الجرعات الزائدة يمكن أن يؤثر سلبًا على صحة الجسم ويؤدي إلى بعض الآثار الجانبية الخطيرة، ومنها:

**تسمم اليود** يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول اليود إلى حدوث تسمم، مما يسبب أعراضًا مثل الغثيان، القيء، الإسهال، وآلام البطن.

**خلل في وظيفة الغدة الدرقية** في بعض الحالات، قد يتسبب تناول كميات زائدة من اليود في حدوث خلل في وظيفة الغدة الدرقية، مما يؤثر سلبًا على صحتها.

**ردود فعل تحسسية** بعض الأشخاص قد يعانون من حساسية تجاه اليود، مما يؤدي إلى ظهور أعراض مثل الطفح الجلدي، الحكة، والتورم.

**التفاعل مع الأدوية** يمكن أن تتفاعل مكملات اليود مع بعض الأدوية، مما يؤثر على فعاليتها.

**تشوه الجنين أثناء الحمل** يجب على النساء الحوامل أن يكن حذرات في تناول اليود، والتأكد من تناوله بشكل معتدل لتفادي الآثار السلبية على صحة الجنين.