تاريخ النشر: 2024-09-21
يعتبر النوم عنصرًا أساسيًا لجميع وظائف الجسم الحيوية، بالإضافة إلى دوره في استعادة الطاقة وتمكين الدماغ من معالجة المعلومات الجديدة التي يتلقاها الفرد. بالنسبة للسيدات الحوامل، يؤثر النوم بشكل كبير على نمو الجنين. هناك العديد من النساء اللواتي يعانين من النوم المفرط، فما هي الأسباب وراء ذلك؟ في السطور التالية، سنستعرض في "دليلي ميديكال" أسباب النوم الزائد لدى السيدات الحوامل.
يعتبر مفهوم النوم المفرط نسبيًا، حيث يعتمد على احتياجاتك وعادات نومك الشخصية. وفقًا لمؤسسة النوم الوطنية، يختلف مقدار النوم الضروري للحفاظ على صحة جيدة حسب العمر. يُوصى بالنوم ما بين 7 إلى 9 ساعات يوميًا، وهو المعدل الذي تجد فيه معظم النساء أنفسهن أثناء الحمل. (قد تؤثر العوامل الوراثية وجودة النوم على هذه الأرقام، ولكنها تعتبر إرشادات عامة جيدة لمقدار النوم المطلوب). إذا كنت تجدين نفسك تنامين بشكل منتظم لأكثر من 9 إلى 10 ساعات متواصلة وتشعرين بالراحة، فقد يكون ذلك مؤشرًا على أنك تنامين بشكل مفرط. ومع ذلك، إذا كنت تستيقظين عدة مرات خلال الليل أو تعانين من اضطرابات في نمط نومك، فقد تحتاجين إلى قضاء وقت أطول في السرير للحصول على الراحة اللازمة أكثر من المعتاد.
أظهرت دراسة أن النساء الحوامل اللاتي ينامن أكثر من 9 ساعات يوميًا دون انقطاع أو استيقاظ متكرر خلال الليل، قد يواجهن مخاطر معينة. حيث تم تسجيل حالات ولادة جنين ميت، المعروفة بالإملاص المتأخر، لدى 153 من هؤلاء النساء، حيث يحدث ذلك بعد الأسبوع 28 من الحمل.
خلال حملك، ستحتاجين إلى ما لا يقل عن سبع إلى تسع ساعات من النوم يوميًا، إلى جانب بضع قيلولات قصيرة طوال اليوم، قد يكون هذا أكثر خلال الأشهر الثلاثة الأولى عندما يكون مستوى هرمون البروجيسترون في جسمك في أعلى مستوياته، ويجعلك تشعرين بالخمول طوال الوقت.
ينصح الأطباء المرأة الحامل بالحصول على الكمية المناسبة من النوم، حيث يُعتبر ذلك أمرًا طبيعيًا ولا يستدعي القلق، إلا في بعض الحالات الخاصة. من هذه الحالات: إذا كان النوم الزائد مصحوبًا بقيء مستمر، أو زيادة غير معتادة في الوزن، أو صداع شديد، أو شحوب واصفرار في البشرة. في حال ظهور أي من هذه الأعراض، يُنصح بالتوجه إلى الطبيب المختص للحصول على المشورة.بالإضافة إلى ذلك، قد يرتبط النوم المستمر لفترات تصل إلى تسع ساعات أو أكثر بزيادة خطر ولادة جنين ميت، أي وفاة الطفل قبل أو أثناء الولادة. يُعزى ذلك إلى انخفاض ضغط الدم لدى الأم إلى مستويات منخفضة خلال النوم، مما يؤثر سلبًا على نمو الجنين وقد يؤدي إلى ولادة مبكرة أو ولادة جنين ميت.
أثبتت الأبحاث العلمية أن النوم يعد أساسياً للعديد من الوظائف الحيوية في الجسم، حيث يسهم في استعادة الطاقة ويسمح للدماغ بمعالجة المعلومات الجديدة التي تم اكتسابها خلال فترة اليقظة. في غياب النوم الكافي، يصبح من الصعب التفكير بوضوح، والاستجابة بسرعة، والتركيز، والتحكم في المشاعر. كما أن نقص النوم المزمن يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة.
من الطبيعي أن تشعري بالتعب أكثر من المعتاد خلال الثلثين الأول والثالث من الحمل. في الثلث الأول، يحدث زيادة في حجم الدم ومستويات هرمون البروجسترون، مما قد يجعلك تشعرين بالنعاس. أما في الثلث الثالث، فإن الوزن الزائد للطفل والقلق المرتبط بالولادة القريبة قد يجعلانك تتوقين لقضاء المزيد من الوقت في السرير.إلى جانب هذه التغيرات الهرمونية والفسيولوجية، قد تواجهين صعوبة في الحصول على نوم مريح. فالمشاكل المرتبطة بالحمل، بالإضافة إلى ارتفاع مستويات التوتر والقلق، يمكن أن تؤدي إلى ليالٍ مضطربة. وهذا قد يجعلك تشعرين بمزيد من التعب خلال النهار أو ترغبين في أخذ قيلولة.
لا يؤثر النوم المفرط سلبًا على الجنين إلا إذا كانت المرأة الحامل تنام على ظهرها أو بطنها. فهذه الوضعيات قد تعيق تدفق الدم بشكل كافٍ، مما يؤثر على النمو السليم للجنين. كما أن النوم في هذه الوضعيات قد يؤدي إلى بعض المشكلات الصحية لكل من المرأة الحامل والجنين، لذا يُنصح بتجنبها خلال فترة الحمل.
مع تقدم نمو الجنين، يزداد الضغط على جسم الأم، خاصة في الشهر التاسع من الحمل. قد تستمر الأعراض الشائعة للحمل في الظهور حتى نهاية هذه الفترة، مثل التعب الشديد، والخمول، والتبول المتكرر، وضيق التنفس، والدوالي، وعلامات التمدد. قد يكون نزول الجنين إلى الجزء السفلي من الرحم خلال هذا الشهر هو السبب وراء هذه الأعراض، حيث يمكن أن يخفف ذلك من مشكلات مثل الإمساك والحموضة المعوية، لكنه يؤثر بشكل مباشر على إجهاد الجسم ويزيد من الرغبة في النوم لفترات طويلة. يُنصح الأطباء الحوامل بالحصول على 7 إلى 9 ساعات من النوم يوميًا، ولكن إذا زادت ساعات النوم بشكل روتيني إلى أكثر من 9 إلى 10 ساعات متتالية دون أي انقطاع، فقد يكون من الضروري استشارة الطبيب. تشير بعض الدراسات إلى أن النوم لفترات طويلة في الأشهر الأخيرة من الحمل قد يزيد من مخاطر ولادة جنين ميت. تعاني حوالي 1% من الحوامل من وفاة الجنين بعد الولادة دون سبب واضح، لكن يُعتقد أن نحو 10% من هذه الحالات مرتبطة بكثرة النوم في الشهر التاسع.
تعود أسباب زيادة النوم لدى الحامل إلى عدة عوامل:
**تغيرات هرمونية** يمكن أن تؤدي التغيرات في مستويات الهرمونات إلى اضطرابات في النوم لدى النساء الحوامل. فعلى سبيل المثال، قد يتسبب ارتفاع هرمون البروجستيرون وانخفاض مستويات السكر في الدم في الشعور بالتعب والإرهاق والرغبة في النوم لفترات أطول.
**انقطاع النفس أثناء النوم** إذا كانت الحامل تعاني من الشخير أثناء النوم وتشعر بالتعب رغم حصولها على ساعات كافية من النوم، فقد يكون ذلك نتيجة لانقطاع النفس أثناء النوم، وهو اضطراب خطير يتطلب استشارة طبية.
**الأرق**في الثلثين الأول والثالث من الحمل، قد تجد المرأة الحامل نفسها تقضي وقتًا طويلاً في السرير دون أن تتمكن من الحصول على نوم مريح. يعود ذلك غالبًا إلى الآلام المرتبطة بالحمل، بالإضافة إلى القلق والتوتر بشأن الولادة ومسؤوليات رعاية الطفل بعد الولادة.
**الارتجاع المعدي المريئي**يعتبر الارتجاع المعدي المريئي من المشكلات التي تعيق الحامل المصابة به من الحصول على نوم جيد. حيث يسبب هذا الاضطراب إزعاجًا نتيجة ارتخاء الصمام العضلي الذي يفصل بين المريء والمعدة، مما يسمح للطعام والسوائل بالعودة إلى الحلق.
**زيادة التبول** في الثلث الثالث من الحمل، تلاحظ المرأة الحامل زيادة في عدد مرات ذهابها إلى الحمام خلال الليل، مما يؤثر على جودة نومها. يعود ذلك إلى زيادة حجم الجنين، مما يسبب ضغطًا على مثانة الأم. يمكن أن يساعد تقليل تناول السوائل قبل النوم في التخفيف من هذه المشكلة.
**متلازمة تململ الساقين** قد تواجه الحامل في بعض الليالي شعورًا مزعجًا وغير مريح في الساقين نتيجة لمتلازمة تململ الساقين، والتي قد تنجم عن ارتفاع مستويات هرمون الاستروجين أو نقص حمض الفوليك والحديد. هذا الأمر قد يؤدي إلى اضطراب في نومها.
**التغيرات النفسية والجسدية** تشمل التغيرات النفسية التي قد تعاني منها المرأة الحامل الشعور بالقلق المستمر. أما التغيرات الجسدية، فتشمل الغثيان، والاستفراغ، وآلام الظهر، والتي جميعها تعيق النوم وقد تسبب شعورًا بالنعاس الشديد.
تعتبر التغيرات الهرمونية من الأسباب الرئيسية للشعور بالنعاس خلال الأشهر الأولى من الحمل. في الشهرين الثامن والتاسع، يعود الشعور بالنعاس إلى زيادة الوزن الناتجة عن وزن الجنين ووزن الأم. أما في الشهرين السادس والسابع، فإن زيادة حجم البطن بشكل ملحوظ تؤثر على جودة النوم، مما يجعل الحامل تعاني من صعوبة في الحصول على نوم مريح.
كما أن ضغط الرحم المتزايد على المثانة وكثرة التبول ليلاً تؤديان إلى تقليل جودة النوم، مما يزيد من شعور الحامل بالإرهاق والنعاس المستمر. بالإضافة إلى ذلك، فإن آلام الظهر والأرداف والحوض، وانخفاض ضغط الدم وسكر الدم، كلها عوامل تسهم في الشعور بالتعب والحاجة إلى النوم. كما أن حرقة المعدة خلال الليل قد تزيد من هذه المعاناة.
توجد عدة عوامل قد تجعل نومك مختلفًا خلال فترة الحمل. من بين هذه العوامل:
**التغيرات الهرمونية:** في الأشهر الثلاثة الأولى، قد ينخفض ضغط الدم ومستويات السكر في الدم، مما يؤدي إلى الشعور بالتعب. كما أن زيادة مستويات هرمون البروجسترون خلال هذه الفترة قد تدفعك إلى الرغبة في النوم أكثر.
**متلازمة تململ الساقين:** تعاني العديد من النساء الحوامل من ليالٍ غير مريحة بسبب الحاجة إلى تحريك أرجلهم. قد يكون ذلك ناتجًا عن ارتفاع مستويات هرمون الاستروجين أو نقص في حمض الفوليك والحديد.
**مرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD):** يحدث هذا المرض عندما تظل حلقة عضلية أسفل المريء فضفاضة، مما يسمح للطعام والسوائل بالعودة إلى الحلق. يمكن أن يؤدي الحمل إلى تفاقم هذه الحالة، حيث يسبب الضغط الإضافي على منطقة المعدة صعوبة في إغلاق الحلقة بشكل صحيح.
**الأرق:** في الثلث الأول والثالث من الحمل، قد تلاحظين أنك تقضين وقتًا طويلاً في السرير دون الحصول على نوم مريح. ومن الأسباب الرئيسية للأرق الشعور بالأوجاع والآلام المرتبطة بالحمل. كما أن مستويات التوتر والقلق المرتبطة بالولادة ورعاية الطفل قد تؤدي إلى الاستيقاظ لفترات طويلة بعد موعد النوم المعتاد.
**توقف التنفس أثناء النوم:** إذا كنت تعانين من صعوبة في التنفس أثناء النوم، يجب عليك استشارة طبيبك على الفور. فقد أظهرت بعض الدراسات أن بعض النساء قد يصبن بانقطاع التنفس أثناء النوم خلال فترة الحمل، وذلك نتيجة للتغيرات الهرمونية والفسيولوجية. ورغم أن هذه الحالة قد تتحسن بعد الولادة، إلا أنها قد ترتبط بمشكلات صحية أخرى، لذا من الضروري إجراء الفحوصات اللازمة.
**كثرة التبول:** في الثلث الثالث من الحمل، قد تجدين نفسك تستيقظين عدة مرات في الليل للذهاب إلى الحمام. يمكنك أن تلومي طفلك الذي ينمو على الضغط الإضافي الذي يسببه على مثانتك. يمكنك محاولة تقليل تناول السوائل قبل النوم مباشرة للمساعدة في ذلك، ولكن احرصي على عدم التعرض للجفاف!
يُعتبر الشعور بالنعاس خلال فترة الحمل من المشكلات الشائعة، ولكن يمكن التغلب عليها من خلال الاستعانة بالأهل والأصدقاء لدعم الحامل في مختلف مراحل الحمل ومساعدتها في الأعمال اليومية. إليك بعض النصائح التي قد تساعد في تقليل شعور الحامل بالنعاس والتعب:
**اتباع عادات نوم صحية** يساهم الذهاب إلى السرير والاستيقاظ في نفس الوقت يومياً في تحسين جودة النوم، مما يقلل من الشعور بالتعب والنعاس في اليوم التالي. كما أن الخروج من المنزل والتعرض لأشعة الشمس لفترة قصيرة يمكن أن يساعد في تنظيم إيقاع النوم الداخلي للجسم.
**أهمية القيلولة خلال النهار** يساهم أخذ قيلولة قصيرة في مكان هادئ وبارد لمدة نصف ساعة خلال النهار في تقليل الشعور بالتعب والنعاس. ومع ذلك، يُفضل تجنب القيلولة في المساء أو قرب موعد النوم.
**تقليل استهلاك الكافيين** يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول الكافيين الموجود في الشاي والقهوة إلى الأرق ليلاً، مما يسبب الشعور بالتعب والنعاس في اليوم التالي. يُنصح الحوامل بتقليل استهلاك الكافيين إلى 200 ملغ يومياً، وهو ما يعادل فنجاناً إلى فنجانين من القهوة فقط.
**ممارسة التمارين الرياضية** تساهم ممارسة الرياضة في تقليل القلق والتوتر، كما تعمل على تحسين جودة النوم ليلاً للمرأة الحامل. كما تساعد في تخفيف آلام الساقين التي قد تعاني منها خلال الليل. لذا يُنصح الحوامل بممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة يومياً، مع تجنب التمارين في المساء، حيث إن ذلك قد يؤدي إلى إفراز الأدرينالين في الجسم، مما يؤثر سلباً على جودة النوم.
**تناول وجبات صغيرة** ينبغي على الحامل الحرص على تناول وجبات صغيرة على مدار اليوم، وتفادي تناول وجبة كبيرة ودسمة قرب وقت النوم، لتجنب الشعور بحرقة المعدة أثناء الليل، وكذلك لتفادي التعب والنعاس خلال النهار.